آخر أخبار من "إيطاليا تلغراف"


إيطاليا تلغراف
منذ 12 دقائق
- سياسة
- إيطاليا تلغراف
وزير الخارجية البريطاني: لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي في وجه التدهور الحاصل في قطاع غزة
وزير الخارجية البريطاني: لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي في وجه التدهور الحاصل في قطاع غزة


إيطاليا تلغراف
منذ ساعة واحدة
- سياسة
- إيطاليا تلغراف
يكرهون المسلمين ويقتدون بإسرائيل.. ما هي "الهندوتفا" الهندية؟
إيطاليا تلغراف رمضان بورصة صحفي وباحث تركي على الرغم من أن قضية كشمير المستمرّة منذ عام 1947 وحتى اليوم تُعتبر سببًا للصراع بين الهند وباكستان، إلا أن الأيديولوجية القومية المتطرفة الهندوتفا تكمن في أساس الأزمة التي تعيشها الهند داخل حدودها ومع الدول المجاورة. في الهند، أدّى وصول ناريندرا مودي وحزبه بهاراتيا جاناتا (BJP)، الذي يمثل مركزًا لأيديولوجية الهندوتفا، إلى السلطة في عام 2014، إلى تصاعد سياسات الدولة التمييزية ضد الأقليات داخل البلاد، وخاصة المسلمين. شجعت سياسات مودي التمييزية والإقصائية الجماعات القومية الهندوسية على مهاجمة المسلمين. إنّ تغيير ناريندرا مودي قانونَ تعديل المواطنة (CAA) والذي يهدف إلى إقصاء المسلمين، والسجلّ الوطني للمواطنين (NRC) الذي يلحق الضرر بهم، وإعادة تنظيم المادة 370 التي تضمن الوضع الخاص لكشمير بطريقة تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية المسلمة في المنطقة، وهدم مسجد بابري- الذي بناه الإمبراطور بابر- على يد الآلاف من القوميين الهندوس بالفؤوس والمعاول، كلها مؤشرات تدل على أن أيديولوجية الهندوتفا قد اكتسبت مكانة مؤثرة في الدولة مع مودي. وبالتالي، عندما نقوم بتقييم المشاكل داخل الهند والصراع الهندي الباكستاني، والنزاعات في الجغرافيا الهندية من خلال الوجود القوي لأيديولوجية الهندوتفا في الدولة، فإننا نصل إلى نتائج جديدة ومختلفة. مرة أخرى، تكتسب العلاقة القوية والإستراتيجية بين الهند وإسرائيل والدعم القوي الذي تقدمه إسرائيل للهند في الصراع الهندي الباكستاني، معنى عند تقييمها من خلال التاريخ والجذور الأيديولوجية الهندوتفية. الهندوتفا والصهيونية من الممكن تقييم القومية في الهند من خلال تيارين رئيسيين. يحتوي هذان التياران القوميان على اختلافات متعارضة. أول هذه التيارات القومية هو الخط القومي الذي وضعه غاندي وجواهر لال نهرو، والآخر هو الهندوتفا الذي يعتبر فيناياك دامودار سافاركار الأب الروحي له، والذي أدّى أيضًا إلى اغتيال غاندي. يميل خط غاندي وجواهرلال نهرو القومي في الغالب إلى أن يكون مناهضًا للإمبريالية، ومناهضًا للصهيونية، وشاملًا، وتعدديًا، وديمقراطيًا. أما الهندوتفا، التي أسسها سافاركار، فهي تتبنى أيديولوجية فاشية تمجد الهُوية العرقية الهندية وتوسعها. تشكل أسس أيديولوجية الهندوتفا (الهندية) كتاب سافاركار الذي نُشر عام 1923 بعنوان، 'أساسيات الهندوتفا'. في هذا الكتاب، تناول سافاركار عناوين الهندوسية والهندوتفا بشكل جديد، وأظهر أن 'الهندوسية ليست هي نفسها الهندوتفا، وأن الهندوسية هي مجرد جزء من الهندوتفا'. يصف سافاركار الهندوتفا في كتابه 'أساسيات الهندوتفا' على النحو التالي: 'تشمل الهندوتفا جميع فروع الفكر والعمل للعرق الهندي وتحيط بوجوده الكامل'. لقد كان فيناياك دامودار سافاركار شخصًا يهتم دائمًا بالصهيونية، وقد تأثر بشدة بالأيديولوجية الصهيونية أثناء تشكيل أسس الهندوتفا. يتضح تأثير الصهيونية على سافاركار بوضوح في كتبه وتصريحاته. أدلى سافاركار بالتصريح التالي، مستهدفًا حكومة نهرو التي لم تعترف رسميًا بإسرائيل: 'إذا اندلعت حرب بين الهند وباكستان غدًا، فإن جميع المسلمين تقريبًا سيقفون إلى جانب باكستان، لكن إسرائيل ستكون إلى جانبنا. لهذا السبب يجب على الهند أن تعترف بإسرائيل على الفور'. لقد صمم سافاركار الهندوتفا كحاجز ضد الإسلام في الهند والمنطقة. في الواقع، في كتابه 'أساسيات الهندوتفا'، يؤكد سافاركار على موقفه ضد الإسلام ونهج الهندوتفا تجاه الإسلام بالعبارات التالية: 'مرت سنوات وعقود وحتى قرون؛ لم تعد الجزيرة العربية جزيرة عربية، وتم تدمير إيران. مصر وسوريا وأفغانستان وبلوشستان وتتارستان – استسلمت الأمم والحضارات من غرناطة إلى غزنة أمام سيف الإسلام السلمي'. تتبنَّى الهندوتفا اعتقادًا مشابهًا للاعتقاد بأرض الميعاد، وهو أحد أسس الصهيونية. ووفقًا لذلك، فإن أيديولوجية الهندوتفا، تشمل المنطقة النائية للهند الحالية، وجنوب جبال الهيمالايا، وباكستان، وبنغلاديش، وسريلانكا، وأفغانستان. الاعتقادُ بأنّ أرض الميعاد قد أعطيت لليهود من قبل الله، موجودٌ أيضًا في الهندوتفا التي أنشأها سافاركار. وفقًا لسافاركار، الهند مقدسة. وحسب سافاركار، فإن الهندوتفا مؤهلة أيضًا لتحديد الأراضي والأماكن المقدسة للهنود. سردَ سافاركار المبادئ الأساسية للهندوتفا في 6 مواد. في 5 مواد، يجادل بأن الأراضي المقدسة للهنود يمكن أن تكون الهند فقط، وتشمل الهند، جنوب جبال الهيمالايا، وباكستان، وبنغلاديش، وسريلانكا، وأفغانستان. يرى سافاركار أن الشخص الذي يعتبر أراضيَ أخرى غير الأراضي الهندية مقدسة يفتقر إلى الوعي الهندي. وطبقًا لسافاركار، يمكن لليهود فقط أن يكونوا على دراية بهذا الوعي العالي الذي قدمته الهندوتفا. يؤكد سافاركار على هذه النقطة في كتابه على النحو التالي: 'خارج الهنود، اليهود فقط هم من استطاعوا الاقتراب من فهمنا المذكور'. في كتابه 'أساسيات الهندوتفا'، يدافع سافاركار عن وجوب تحقيق الصهيونية أهدافها. لقد أدخل سافاركار في أيديولوجية الهندوتفا، التي حدد مبادئها، أفكارًا صهيونيّة. يكشف سافاركار عن هذا النهج في كتابه بالعبارات التالية: 'إذا تحققت أحلام الصهاينة يومًا ما، فسوف نفرح بقدر ما يفرح أصدقاؤنا اليهود على الأقل. وكما أقام المحمديون سيادتهم على أراضيهم المقدسة (مكة والمدينة)، سيتولى اليهود إدارة أراضيهم المقدسة أيضًا. العناصر المختلفة وغير المتوافقة تشكل تهديدًا لمستقبل الهند ووحدتها'. في الوقت الحاضر، يكمن في أساس العلاقة الوثيقة بين الهند وإسرائيل خلال فترة حكومة مودي، تأثر أيديولوجية الهندوتفا بالصهيونية. مرة أخرى، يُرى أن مصدر الصراع الهندي الباكستاني، والعديد من المشاكل داخل الهند، والمشاكل في المنطقة، هو أيديولوجية الهندوتفا السائدة في الهند. تاريخ علاقة إسرائيل بالجماعات القومية في الهند كانت العلاقات بين الهند وإسرائيل فاترة ومتوتّرة من الخمسينيات من القرن الماضي، عندما اعترفت نيودلهي بإسرائيل كدولة، حتى التسعينيات. كانت إسرائيل ممثلة في الهند بقنصلية فقط. بينما كانت الهند تتبنى نهجًا أقرب إلى سياسات الدول العربية، كانت تفضل دعم سياسات الدول العربية في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة. حدث تدهور خطير في العلاقات عندما قام القنصل الإسرائيلي في الهند، يوسف حسين، بانتقاد الحكومة الهندية في مقابلة مع صحيفة محلية؛ بسبب دعمها للعرب، مما أدى إلى إعلانه شخصًا غير مرغوب فيه. بالإضافة إلى ذلك، كانت الحكومة الهندية تضع العديد من الصعوبات أمام السياح الإسرائيليين، بل وترفض منح الإسرائيليين تأشيرات لحضور المؤتمرات الدولية التي تنظم في البلاد. وردت هذه المعلومات في تقرير أعدته وزارة الخارجية الإسرائيلية عام 1985 ونشرته صحيفة هآرتس. بعد أن كانت علاقاتها سيئة مع الحكومة الهندية، اتصلت إسرائيل بالجماعات القومية الهندية وأقامت علاقات قوية. من بين العلاقات التي أقامتها إسرائيل مع الأحزاب القومية الهندوسية الراديكالية، فإن العلاقة مع حزب هندو ماهاسابها هي الأكثر إثارة للاهتمام. بعد شهر من إقامة إسرائيل علاقات مع حزب هندو ماهاسابها الباريسي، في 31 ديسمبر/ كانون الأول 1973، زار شخص مفاجئ مبنى القنصلية الإسرائيلية في الهند. غوبال غودسي، شقيق قاتل غاندي. حُكم على غودسي نفسه بالسجن المؤبد لتورطه في مؤامرة الاغتيال. أُطلق سراحه عام 1965. يعود اتصال إسرائيل بحزب بهاراتيا جاناتا (BJP) الذي يتزعمه مودي أيضًا إلى السبعينيات. عقد دبلوماسيون وأعضاء كنيست إسرائيليون سلسلة من الاجتماعات مع حزب بهاراتيا جاناتا في السبعينيات. أقامت إسرائيل أيضًا علاقات في نفس التواريخ مع منظمة المتطوعين الوطنية (راشتريا سوايامسيفاك سانغ / RSS)، حيث يتبنى مودي أيضًا أيديولوجية الهندوتفا، والتي تأسست عام 1925. دعمت إسرائيل أنشطة RSS وقامت بتمويلها. منظمة يمينية قومية أخرى تتبنى أيديولوجية الهندوتفا في الهند، هي المجلس الهندوسي العالمي (فيشفا هندو باريشاد / VHP). يعود تطوير إسرائيل علاقات وثيقة مع VHP إلى الثمانينيات. في حين أن إسرائيل لم تتمكن من إقامة علاقات دبلوماسية منخفضة مع الدولة الهندية حتى التسعينيات، نرى أن علاقتها بالمنظمات اليمينية القومية والمليشيات التي تتبنّى أيديولوجية الهندوتفا المتأثرة بالصهيونية تعود إلى السبعينيات. العلاقات الهندية الإسرائيلية، التي تطورت ببطء تدريجيًا بعد التسعينيات، شهدت صعودًا سريعًا مع وصول مودي إلى السلطة في عام 2014، وهو يتبنّى أيديولوجية الهندوتفا. تعتبر زيارة مودي لإسرائيل في عام 2017 كرئيس وزراء للهند بمثابة نقطة تحول في العلاقات الهندية الإسرائيلية.


إيطاليا تلغراف
منذ ساعة واحدة
- ترفيه
- إيطاليا تلغراف
بين "غيوم سيلس ماريا" وظلّ غزّة
إيطاليا تلغراف سمر يزبك كاتبة وروائية وإعلامية سورية في مهرجان كان 2025، وقفت الممثلة الفرنسية جولييت بينوش صوتاً يعترض على هندسة الصمت. نطقت باسم فاطمة حسّونة، المصوّرة الصحافية الفلسطينية التي قُتلت في غزّة بصاروخ إسرائيلي، قبل وقت قصير من احتمال حضورها المهرجان، بصفتها بطلةَ فيلم وثائقي؛ 'ضع روحك على يدك وامش'، يحكي تجربتها تحت الحصار. لم يكن استدعاء الاسم فعلاً رمزياً يُضاف إلى سجلّ أخلاقي. كان انحرافاً محسوباً داخل ماكينة ناعمة الصقل، لا تتوقّف عن قول الشيء ونقيضه، طالما ظلّ قابلاً للعرض. بينوش لم تُدلِ بتصريح سياسي، زعزعت إيقاعاً مُبرمجاً على التغاضي. فاطمة، المولودة في 1999، لم تكن تنقل الحرب فقط. كانت تعيشها وتصوّرها كمن يتلمّس معنى البقاء في التفاصيل. الصورة عندها لم تكن وسيلةً، صيغةَ حياة. قُتلت مع عائلتها بعد ساعاتٍ من ترشيح فيلمها لمسابقة 'أسيد – كان' الموازية لمهرجان كان الرسمي، وفي نفس المدينة البحرية. لا مفارقة هنا، تزامن وقائعي يعيد ترتيب السؤال: من يُسمح له بأن يكون حاضراً؟ ومن يُعاد تدويره في الاستعارة؟ ما فعلته بينوش لا يندرج تحت البطولة الكلاسيكية. لم تعارض. لم تصرخ. استثمرت لحظة الضوء لا لتُدلي برأي، أدخلت الكسر إلى العبارة. أشارت إلى فاطمة لا بوصفها قضيةً، احتمال مفقود للحضور. وهنا تكمن دقّة الفعل: إعادة توزيع المعنى من داخل البنية، لا من خارجها. وهذا لا يعني أن النظام تغيّر، أو أن 'كان' خرج من صيغته. على العكس، ما زال المهرجان يدار بآليات تُنتِج العالم بوصفه سرداً قابلاً للاستهلاك. وما زالت فلسطين، حين تُذكر، تمرّ عبر مصفاة رمزية تُجرّدها من لحمها الحي. رغم ذلك، تسرّب الاسم. لا تفصيلاً إنسانياً، بل إشارة تشقّ الصمت، كما لو أن 'غيوم سيلس ماريا' زحفت إلى قاعة العرض، لا ليصبح الاسم صوتاً فقط، بل ضوءاً ينكسر على فراغ لا يريد أحد أن يراه. وربّما، في جانب من جوانبه، لا يخلو المهرجان من رمزية رأسمالية تلمّع النظام العالمي وتحوّل المعاناة مادّةً بصريةً مصقولةً، ولو من غير قصد مباشر. في 1968، أوقف المخرج جان لوك غودار مهرجان كان احتجاجاً على تغاضيه عن انتفاضة الطلبة في باريس. لم يكن يعارض السينما، تمثيلها المفصول عن التحوّلات الحيّة. قال آنذاك: 'أنتم تتحدّثون عن حركة الكاميرا، ونحن نتحدّث عن الدم في الشوارع'. رأى في المهرجان واجهةً طبقيةً وثقافيةً مغلقةً، فاختار كسرها من الجذر. تنتمي بينوش إلى تقليد آخر: مقاومة ناعمة، متقشّفة، لا تخاطب النظام بصفته عدوّاً، باعتباره معماراً هشّاً يمكن خلخلته من الداخل. لم تحتج إلى خطاب. اسم فاطمة كافٍ. اسم في غير موضعه المألوف، يتحوّل من تعريف إلى خلخلة. الفعل هنا ليس تعويضاً رمزياً، تشويش على هندسة المعاني. الاسم لا يُستعاد ليُبكى أو يُزيَّن به الكلام، يُعري الفجوة بين ما يُعرض وما يُقمع. في لحظة محدّدة، داخل قاعة مُكيّفة بدقّة، ارتد الصوت على واجهة الحدث وأعاد تركيب المشهد. بينوش لم تُطالب. لم تتبنَّ خطاب الضحية. لم تضع نفسها في موقع تمثيلي نيابةً عن أحد. ما فعلته أقرب إلى الانسحاب الجزئي من نصٍّ محسوب، لصالح جملة غير منتظرة. وهذا، في سياق تُدار فيه التراجيديات موادَّ جانبيةً، فعلٌ يُربك الآلة أكثر من أي تصريح نضالي جاهز. ليست الأولى. اختارت أن تنطق باسم فاطمة في لحظة مثقلة بالإجهاد الرمزي، حيث أصبح الموقف نفسه جزءاً من إنتاج المعنى النظيف. فعلت ذلك لا لتصنع أثراً، تكشف شرخاً. وهذه ليست بطولة، وعي بموقع الصوت، ومسؤوليته حين يكون ممكناً. ما من ادّعاء هنا بتغيير شيء. في بنية بُنيت على حذف الفلسطيني أو تحويله استعارةً قابلةً للترويج، يصبح نُطق الاسم (خارج توقّعاته التداولية) تشويشاً. وهو تشويش كافٍ.


إيطاليا تلغراف
منذ ساعة واحدة
- سياسة
- إيطاليا تلغراف
جولة ترامب ومستقبل فلسطين
إيطاليا تلغراف نشر في 20 مايو 2025 الساعة 6 و 35 دقيقة إيطاليا تلغراف غازي العريضي وزير ونائب لبناني سابق. مع كلّ انتخابات رئاسية أميركية، وانشغال العالم بنتائجها وانعكاساتها في التوازنات الدولية والإقليمية، سياسياً وأمنياً واقتصادياً ومالياً، والعلاقات بين الكبار، كنت أقول: 'ما يعنينا في المنطقة موقف الرئيس الأميركي من فلسطين وقضيتها، وحقّ شعبها في إقامة دولته في أرضه، والعيش بحرية وأمان واستقرار'. اليوم، ومع كلّ الضجّة التي رافقت زيارة دونالد ترامب التاريخية بعض دول الخليج، وما حظيت به من اهتمام دولي وإقليمي واسع، يبقى الثابت فلسطين وقضيتها ومصيرها. عندما احتلّ صدّام حسين الكويت، ورُكّب تحالفٌ دوليٌّ بقيادة الولايات المتحدة لطرد الاحتلال العراقي، خرجتْ نظرية تقول: 'جاء الأصيل أميركا، وانتهى دور الوكيل إسرائيل'. كانت وجهة نظري أنه لا يجوز الوقوع في هذا الخطأ في قراءتنا الاستراتيجية المعادلة في المنطقة. لقد جاء الأصيل لتثبيت وتدعيم وتعزيز دور الوكيل وحمايته. وهذا ما جرى. اليوم جاء ترامب، قال ما قاله، فعل ما فعله، غادر محمّلاً بأربعة آلاف مليار دولار، فاجأ العالم بقرارات، وأكّد توجّهات، ورسم ملامح منطقة جديدة وتوزيع الأدوار فيها. حقّق الآتي: الإنجاز الكبير بلقائه الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي خرج بعده ليشيد بوسامته وقوته وتاريخه القوي (وكان يتّهمه بالإرهاب)، والأكثر أهمية، ليعلن رفع العقوبات عن سورية. هذه خطوة متقدّمة من ترامب، بعد أن طلبها منه كلٌّ من الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان وولي العهد السعودي محمّد بن سلمان. خطوة ستكون لها نتائجا الكبيرة على مجمل الواقع السوري الداخلي والمنطقة. إعلان ترامب رفع العقوبات عن سورية خطوة متقدّمة ستكون لها نتائجها الكبيرة على مجمل الواقع السوري الداخلي والمنطقة أكّد ترامب الإصرار على الذهاب إلى الآخر، في محاولته الوصول إلى اتفاق مع إيران حول مشروعها النووي، وعدم رغبته في الذهاب إلى الحرب. وكان قد عقد اتفاقاً مع الحوثيين في اليمن (يعني مع إيران عملياً) يقضي بوقف العمليات العسكرية بينهم وبين واشنطن، مؤكّداً أن 'موقفه يقف عند حدود عدم تعريض حياة أيّ جندي أميركي للخطر'. وكما هو معلوم، فاجأ قراره نتنياهو، لأن الاتفاق لا يشمل وقف العمليات العسكرية الحوثية ضدّ إسرائيل. جاء القرار بالتزامن مع التقدّم في المفاوضات الإيرانية الأميركية، ومحاولة الإسرائيلي تخريبها. ومن قطر، خاطب ترامب إيران: 'على إيران شكر أمير دولة قطر شكراً عظيماً فآخرون يودون أن نوجه ضربة قاسية لإيران على عكس قطر'، مضيفاً 'إيران محظوظة بأن يكون في قطر أمير يكافح من أجل عدم توجيه ضربه لهم'. وهي إشارة لها دلالات كثيرة في ظلّ الانتقادات والاتهامات التي كان نتنياهو وأركان حكومته يوجّهونها إلى قطر ودورها. تحدّث الرئيس ترامب عن تركيا ودورها، وتأثيرها، وعلاقته بالرئيس أردوغان، الذي شارك في اللقاء الذي جمعه مع محمّد بن سلمان والشرع. ماذا يعني ذلك كلّه؟… منذ بدايات الحراك العربي، كنا نقول إن دولاً ثلاثاً غير عربية تقرّر مصير العرب، والأخيرين خارج المعادلة ودائرة القرار، إيران وتركيا وإسرائيل. اليوم دخلت السعودية بدور فيه مسؤولية كبيرة، هي تحتضن سورية وترعاها، هي مع لبنان (بشروطها طبعاًُ)، وتريد أن تكون فلسطين وقضيتها معها، خصوصاً بعد تسمية حسين الشيخ نائباً للرئيس محمود عبّاس. نحن إذاً أمام محاولة تشكيل منطقة جديدة تُحدَّد فيها أدوار اللاعبين المذكورين على قاعدة تقسيم مناطق النفوذ. ومع دفاتر الشروط المطروحة، والملازمة لرفع العقوبات هنا، وفتح الباب هناك (لبنان)، ستشهد ولادة هذه المنطقة توتّراتٍ لتسديد الفواتير، وترتيب الأوضاع في سورية ولبنان، ولكن ماذا عن فلسطين وهي القضية الأمّ؟ يخطئ كثيراً من يبني حساباته على أساس أن ثمّة خلافاً جوهرياً بين ترامب ونتنياهو. يزور ترامب إسرائيل أو لا يزورها خلال جولته، الأمر ليس مهمّاً. الأكثر أهميةً أنه لم يُجرِ اتصالاً بملك الأردن ورئيس مصر، ولم يُدعَ اثناهما إلى المشاركة في جانب من أعمال القمّة الخليجية التي عقدت مع ترامب أو في لقاءات منفردة. ومعروفة الضغوط التي تمارس على البلدَين كليهما لاستقبال الفلسطينيين من غزّة، والضفة الغربية لاحقاً، وبالتالي تدمير القضية الفلسطينية. ورغم بعض الكلام الذي صدر خلال محطّات الزيارة عن دولة فلسطينية أو مبادرة عربية عام 2002، وقراراتها، فلا مكان لذلك في أرض الواقع. ثمّة اتفاق تامّ بين ترامب ونتنياهو على مصير غزّة في المرحلة الأولى للوصول إلى الضفة في المرحلة الثانية. غادر الرئيس الأميركي إلى بلاده فخوراً بأنه يحمل أربعة آلاف مليار دولار، ستوفّر ملايين فرص العمل للأميركيين على مدى سنوات، وستنعش الاقتصاد، وأهل غزّة يتضوّرون جوعاً بشكل مذلّ، ولا يستطيع أحد إدخال ماء أو موادّ غذائية أو طبّية إليهم. أحسن إليهم ترامب ببعض الكلام حول إدخال الطحين والمطابخ المتنقّلة، في وقتٍ ترتفع أصواتٌ داخل الكونغرس، وفي دول العالم، عن 'العار الكبير بحقّ الإنسانية'، في توصيف هذا المشهد. يضاف إلى ذلك (وهنا الأساس) أن نتنياهو أمر بتوسيع العمليات العسكرية لاحتلال غزّة، وقد حصدت مئات من الشهداء والجرحى خلال أيام. والسلطات العسكرية الإسرائيلية تحتل أكثر وتتوسّع أكثر في الضفة، ولا أحدَ يستطيع التأثير، ووقف هذه المجازر المفتوحة، بل تمّ تمرير خبر مهمّ من أميركا يقول: 'إدارة ترامب تعمل في خطّة لنقل مليون فلسطيني إلى ليبيا'. غادر ترامب المنطقة بأربعة آلاف مليار دولار، ستوفّر ملايين فرص العمل للأميركيين، وأهل غزّة يتضوّرون جوعاً، ولا يستطيع أحد إدخال ماء أو موادّ غذائية أو طبّية إليهم جاء الإعلان بعد ساعات من اندلاع اشتباكات مفاجئة في العاصمة الليبية، ونقل طائرات من المطار، واتخاذ إجراءات لحماية مؤسّسات معيّنة، واستقالة عدة وزراء، وهذا كلّه تمهيد لضغوط (أو خطوات) لتنفيذ قرار تهجير الفلسطينيين إلى ليبيا، إضافة إلى عدة دول أفريقية أعلنها ترامب من دون أن يسمّيها. وقال: 'القطاع يعدّ منطقة ذات أهمية كبرى من الناحية العقارية. أقترح نقل السكّان من القطاع إلى دول أخرى مستعدّة لاستقبالهم. ستكون منطقة حرية بدلاً من مكانٍ يموت فيه الجميع ويشبه الجحيم. مستوى القتل في غزّة مذهل. ولا يمكن أن يستمرّ طويلاً'. هل ثمّة أوضح من ذلك؟ إصرار على اعتبار غزّة منطقةً عقاريةً ولا بدّ من تهجير أهلها لإقامة الريفييرا فيها. من يقتل في غزّة؟ من يدير الجحيم؟ من يرتكب الإبادة الجماعية؟… الجواب بألسنة رؤساء دول ووزراء وسياسيين من العالم أجمع يدين ما تفعله إسرائيل، وترامب يؤكّد دعمها في طرد الفلسطينيين من أرضهم، إما الموت جوعاً، أو قتلاً، أو اقتلاعاً من الأرض. فهل تكون هناك منطقة جديدة بأدوار جديدة آمنة ومستقرّة في ظلّ هذا الوضع؟ حتى لو فرض هذا المشروع بعد مخاض دموي كبير وقاس، وخلال وقت معين، فليس في ذلك إنجاز عربي أو دور عربي فاعل ومؤثّر. المعيار فلسطين وأمانتها وثبات أهلها في أرضهم. السابق جولة ترامب ومستقبل فلسطين التالي يكرهون المسلمين ويقتدون بإسرائيل.. ما هي 'الهندوتفا' الهندية؟


إيطاليا تلغراف
منذ ساعة واحدة
- ترفيه
- إيطاليا تلغراف
أوسع من شارع، أضيق من جينز!
إيطاليا تلغراف نشر في 20 مايو 2025 الساعة 15 و 01 دقيقة إيطاليا تلغراف وضاح عبد الباري طاهر عرفت الأخ العزيز الروائي وليد دماج منذ العام 2007 كان حينها يعمل مديرًا للصندوق التنفيذي بوزارة الثقافة، وذهبت حينها لاستلام مستحقات بيع كتابي «ضحايا المؤرخين»، ثَمَّ توثقت علاقتنا أثناء عملي بوزارة الثقافة مديرًا عامًا لتحقيق المخطوطات. وفي زيارة له في بعض الشئون المتعلقة بالعمل، وأثناء حديثنا قال لي في سياقٍ ما: نحن أهل. وصدق الأخ وليد، فأنا فيما أذكر ولا أزال أختزنه وأعيه من ذاكرة الطفولة الأولى هو الوالد العزيز الأستاذ أحمد قاسم دماج، والأستاذ محمد لطف غالب، والفنان المسرحي الفلسطيني حسين الأسمر، والعم هلال عبد الله الذي كان يعمل بمركز الدراسات، ثم جن وتم تعذيبه من قبل الأمن أيام صالح لاشتباههم به، والوالد العزيز الأستاذ منصور الحاج، والعم العزيز الشاعر إسماعيل الوريث، ثم الوالد العزيز الأستاذ محمود الصغيري الذي كان حينها مستقرًا في دمشق ولم أعرفه إلا هناك أثناء زيارتنا للوالد. أمَّا أسرته العزيزة، فَمِنْ قبل: والدته الجدة الطيبة آمنة، وإخوته: أحمد، ومحمد، وخديجة، فهم وأسرة العم أبو القصب الشلال، وبيت غليون، وعلى رأسهم الخالة العزيزة المناضلة الوفية أفراح غليون، وأسرة العم منصور الحاج عشنا معهم كلهم كأسرة واحدة. أنا لم أقرأ شيئًا يذكر عن تاريخ الحركة الوطنية ولا اليسار، ولا الرجعية ولا التقدمية. ويعلم الله أني طيلة فترة عمري كله، وأنا أعرف العم أحمد قاسم في بيتنا، أو في دار الكتاب، أو اتحاد الأدباء والكتاب- لا أدري مطلقًا أنه كان يساريًا أو أنه حتى ينتمي للحزب الاشتراكي؛ لعدم اهتمامي بهذه القضايا مطلقًا، والتي لا تعنيني في قليلٍ أو كثير، لكني كنت أحمل تقديرًا كبيرًا في نفسي للعم أحمد. هكذا الأمر وبكل بساطة وتلقائية؛ فإني حين كنت أقابله تنفذ إلى قلبي أسِّرَة وجِههِ المشرق البشوش، ويلامس أعماقي ترحيبه الدافئ وابتسامته المحبة. فقط كانت الفطرة والإحساس الداخلي هي ما تشعرني بهذه المحبة والتقدير الكبير للعم أحمد، ولم أكن بحاجة لأعرف سجل العم أحمد النضالي -وهو عظيم ومشرف بلا شك- حتى أشعر في قرارة نفسي كم هو كبير ورائع ومحترم. وممن عرفته أخوه العم الدكتور المثقف والشاعر عبد الكريم دماج؛ وهو قامة علمية كبيرة، ومثال يحتذي به أبناء هذا الجيل. ومن أبناء العم أحمد قاسم الأستاذ مروان دماج- رئيس تحرير سابق لصحيفة «الثوري»؛ عرفته حين كنت أنشر بعض مقالاتي بها، وهو شخص على جانب من التهذيب والخلق الرفيع، وكذلك الأخ الزميل إياد دماج شخص عرفته في قمة اللياقة والأدب. أمًا الأستاذ الوالد الروائي والقاص الكبير مطيع دماج، فعرفته مرة واحدة في حياتي في تسعينات القرن الماضي، وهو يرقد في مستشفى الكويت، وربما كان مرضه الأخير الذي مات عقبه. كنت حينها في زيارة لصديق الطفولة نشأت بدا الذي مات شابًا بالسرطان، وعرفت بطريقةٍ ما أنَّ العم يرقد في غرفة أخرى بجواره، فقمت بزيارته والسلام عليه. وابنه الدكتور همدان دماج- نائب رئيس مركز الدراسات والبحوث، على غاية من النبل والعلم والذكاء وحسن الخلق. أمَّا الشخص العزيز الذي لا تنسى أحاديثه ولا نكته ولا قفشاته، فهو العم أمين مانع دماج- مدير شئون الموظفين بمركز الدارسات والبحوث. كان شخصية عجيبة ومدهشة ومرحة جدير بأن يكتب عنها. كان العم أمين صاحب روح نقية محبة للناس والحياة. عاش حياته بِخَّفة وسلام حتى توفاه الله، وكان ابنه مصطفى أحد أصدقائي نجلس معًا للمقيل في بعض الأوقات في منزلنا مع الخال يحيى عتيق ومحمد عتيق، وغيرهم من زملاء المركز. وعلى هذا النسيج، كان وليد دماج -كسائر أسرته الكريمة آل دماج- على غاية من الخلق والأدب والثقافة، وكان تركه للعمل الإداري أنفع له وأبرز لمواهبه المكنونة. فهو، و في فترة وجيزة، حقق حضورًا ثقافيًّا وأدبيًا لافتًا، وأنجز في مجال السرد روايات متعددة كرواية «وقش»، و«رواية الجفر»، وغيرهما، وكأنه -رحمه الله- شعر بقرب رحيله؛ فأراد أن يترك في سجل تاريخه أثرًا مضيئًا يدل على شخصيته المتميزة والفذة. حين مات الأخ وليد كنت أعمل في «منصة خيوط» الصحفية، وطلب مني الأخ رئيس التحرير: محمد عبد الوهاب الشيباني إعداد مادة تتعلق به. شرعت في العمل والبحث، واستعنت بالأخ الكريم الفاضل الأستاذ بلال قائد كونه أحد أصدقائه المقربين- بتزويدي بما يعرفه عنه، وقام مشكورًا بذلك، ورأيت قصيدةً في رثاء وليد كان كتبها الأخ أوس الإرياني في بعض المواقع على النت، وأعجبتني فضمنتها سيرته الذاتية، وأرسلتها للأخ محمد الشيباني، فطلب مني حذف ما كتبه الأخوان: بلال، وأوس، وإعادة إرسالها إليه، فقمت بذلك، وتَمَّ نشرها في منصة خيوط. وبعد أن خرجت من خيوط، وأنا في طريقي بجولة كنتاكي، رأيته، ولمَّا رآني ارتبك، ووجدته يقول لي: أنا استعنت بِكَ في مقالك الذي كتبته عن القاضي أحمد عبد الرحمن الآنسي في نافذة شدو بخيوط. ولمَّا عدت للبيت لأرى ماذا كتب، رأيته أخذ من مقالي الذي كتبته في موقع اليمني الأمريكي، عشرة أسطر كتبها عن الآنسي، ولم يشر إلى المصدر ولا الكاتب في قليلٍ ولا كثير. وحين أراد أن يكتب عن العلامة المفتي صاحب الأغنية الشهيرة «صنعا حوت كل فن»، وكنت حينها أعمل في خيوط، فبحث في النت عسى أن يجد ما يفيده للكتابة عنه، فوجد مقالاً لي بموقع اليمني الأمريكي، إلا أنه لم يتمكن من الوصول إليه كون الموقع كان محظورًا، فتواصل معي بالهاتف، وطلبَ مني إرساله له عن طريق الوتس لا البريد الالكتروني الخاص بالمنصة. وأنا أشهد شهادةً ألقى بها كُلَّ القُوى التقدمية والرجعية، وقوى التنوير والظلام، وتيارات اليمين واليسار والوسط، والإسلام السياسي، في هذا الوطن المعطاء بالمحتالين واللصوص والنصابين، وهذه شهادتي خالصة لجميع هذه القوى، يوم لا ينفع «جينز»، ولا «بنز»، وبين يدي كتاب «ماركس»، و«أنجلز»، وأنا في ساعتي هذه المباركة على جَنَابَة -وهذا طبعًا من حسن حظ محمد عبد الوهاب- أشهد أنَّ هذا الشخص لا يجيد شيئًا سوى: 1- اللصوصية. ولولا استعانته بالوالد في كتابته عن الدكتور أبي بكر السقاف وغيره ممن لا يعلمهم إلا الله، لحاص وباص في أمره، وما تقدم فِترًا واحدًا. فإنَّ هذا الشخص صاحب دعاوى كبيرة، وعقد أكبر من دعاواه التي ينتحلها، مع ضعف أخلاقي وأدبي، وغياب للوازع والضمير الإنساني. هذا وقد دله الوالد على كثير من المصادر والمراجع التي يستعين بها في عمله هذا؛ مثل ما كتبه الدكتور أحمد القصير، وما كتبه زميله وقريبه الدكتور محمد جعفر زين- أول رئيس لجامعة عدن في مذكراته. وكان قبل ذلك كلفني بالذهاب لمكتبة مركز الدراسات للبحث عن أي مادة قد تفيده في كتابته هذه. ولمَّا اجتمعنا في «منظمة مواطنة»، قمت بتقديم العمل الذي كلفني به أمام الزملاء، فأبدى امتعاضًا وانزعاجًا كون العمل يتعلق به شخصيًا، ولا صلة له بالعمل. وكان هذا الشخص قد طلب من الوالد مقالاً بعد تقلده لمنصة خيوط، ولمَّا طال الوقت، وتأخر صرف المستحق تأخرًا خارجًا عن حد العادة التي كانت أيام رئاسة الأخ لطف الصراري- قام الوالد بتذكيره، فقال له: إنَّ المقال غير مدفوع القيمة، ولمَّا وبخه الوالد، وأنَّه ما أرسله ليسَ إلا بناءً على طلبه؛ فقامَ صاغرًا بصرف المستحق. 2- التقاط الصور مع المشاهير من الشخصيات الوطنية، ورجالات الفكر والعلم والأدب والسياسة ورجال الأعمال وغيرهم من الأشخاص الذين يأمل أنْ يجني من ورائهم ربحًا عاجلاً، وصيتًا كبيرًا، ومصلحةً تعود عليه بالنفع؛ كالأستاذ أحمد قاسم دماج، والدكتور أبي بكر السقاف، والدكتور علي محمد زيد، والأستاذ إسماعيل الوريث، والأستاذ علوان الشيباني، والأستاذ أحمد كلز، وغيرهم؛ ظنًا منه أنَّ ذلك سجمل صورته القبيحة، ويرفع من ضِعته التي يعيش عقدتها كجمرة تأكله وتنخر في أعماقه. وفي الوقت الذي كان رئيس التحرير السابق لطف الصراري عاكفًا على عمله، متفانيًا فيه، ينجزه أولاً بأول: تحريرًا، وتواصلاً مع المستكتبين، ومراجعةً للموقع، إلى مهام أخر يقوم بها في غاية من الدقة والإتقان. وهو مع ذلك مواظب على عمله داخل الحاضنة لا يتخلف عنها إلا لعذر؛ فلا تأتي عليه الساعة الثامنة صباحًا إلا وقد وصل إلى مقر عمله، مزاولاً فيه أعماله التي يستمر فيها إلى حدود الساعة الثانية بعد الظهر، ثم يعود للبيت لتناول الغداء، والبدء في المقيل، ثم استئناف العمل حتى ساعات متأخرة من الليل؛ حتى يدهمه النوم في كثير من الأوقات واللابتوب في حضنه؛ حتى سقط أخيرًا في مقر عمله بمرأى مني، أثناء حديث له في التلفون مصابًا بجلطة قلبية جراء العمل الشاق والإجهاد المتواصل. وبعد أن تَمَّ الاستغناء عن الأخ لطف من قبل منظمة مواطنة بدلاً عن مكافأته، والتكفل بعلاجه، وصرف حقوقه، مع الساعات الإضافية التي يستحقها، كان محمد عبد الوهاب الشيباني أحد الوسطاء من جهة الأخ لطف، وكان أحد من يثق بهم، ويعول عليهم كثيرًا، ثم يفاجأ الأخ لطف -بعد ذلك- بقبوله منصب رئيس تحرير «منصة خيوط» بديلاً عنه. وحين تم تعيينه، ذهب ليعاين مكتبه الجديد مع الأستاذ والشاعر عبد الكريم الرازحي، فساءه ألا يكونَ المكتب بتلك الفخامة التي كان يحلم بها، ويمني بها نفسه؛ فهو- في الأخير- ليس إلا مكتبًا عاديًا لم يملأ عينيه الشرهتين لكل أبهة فارغة ومظهر كاذب؛ فأخبر المعنيين أنه سيقوم بممارسة أعماله من البيت، بعد أنْ يقضي سحابة نهاره كله يتقاسم أحاديثه المُمَلَّحَة بالسماجات، ولساعاتٍ طوال مع بعض الأصدقاء في بوفية الدملوه. 3- القدرة على التأنق، ولبس الـ «كاجول»، مع حسن اختيار وتناسق مدهش للألوان والماركات التي يختارها بعناية ودقة فائقة. وقد كان في الزمن الغابر-ونحن الآن في زمنٍ أغبر منه- زارَ اليمن صحفي فرنسي بغرض إجراء مقابلة مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح. وبعد إتمامها، سأله صديق يمني عن انطباعه عن شخصية علي صالح؛ فأجاب: إنه يحسن لبس واختيار البدلات الرسمية ذات القيمة العالية. هذه هي بعض من سيرة محمد عبد الوهاب، ولو أردت أن أستقصي معايب ومثالب هذا الشخص، لما كفتني الساعة ولا اليوم ولا الشهر ولا حتى الدهر كله؛ فمخازيه ومساويه ليس لها حد تقف عنده، أو تنتهي إليه. ولولوع هذا الشخًص بالاستعراض، وحُبّ الظهور، فقد هدته ألمعيته الخارقة أثناء تقلده رئاسة تحرير خيوط- لفكرة عمل اجتماع أسبوعي يعقده مع الموظفين. وأين يكون هذا الاجتماع؟ إنه في «منظمة مواطنة» التي أحب بستانها النضير، ووردها الذي يفوحُ عِطرًا وعبيرًا؛ فأدمن التردد عليها، وأحبها حبًا ملأ عليه شغاف قلبه. وكان في أثناء هذا الاجتماعات المتكررة والسمجة يفيض هذا المفكر العظيم في أحاديثه التي هي كما يقول أصحاب تهامة: «تقَطِّعْ أمْغَالْ امبِسَسْ». وفي إحدى المرات، وفيما هو يتحدث بأحاديثه التافهة، أخذته النشوة، وتراءى نفسه عظيمًا من عظماء القرن الواحد والعشرين، وظنَّ -بالسكرة التي لَحَستْ عقله – أنه من نظراء الدكتور عبد العزيز المقالح، فأخذ يشكو بمرارة مثيرة للشفقة -بما طُبِعَ عليه من عقدة النقص والشعور بالاضطهاد- من الدكتور عبد العزيز المقالح، وأنه -مع بعض الشخصيات- قام بتأسيس جمعية اسمها «سُوبان»؛ باسم منطقة يمنية أثرية تعود إلى عهود الحضارات اليمنية القديمة، وأنَّ لهذه الجمعية طابعًا مناطقيًا وجَهويًّا. إنَّ أقصى ما وصل إليه عقل هذا المفكر الأسطوري هو ديوان صغير يحكي حالته البائسة بعنوان «أوسع من شارع، أضيق من جينز»، أصدره في 2003، عن مركز عبادي، ثم ترقى به الحال قليلاً بعد طُولِ مخاض، فكتب كتابًا عن الأستاذ السفاري بعنوان «حياة السفاري التي مَلَّحَتها الحكايات»، وكتاب آخر عن الغِنَاء لا أعرفه ولا يهمني أن أعرفه. ولا تظنَّ أنَّ لفظة «مَلَّحَتها»، جاء بها من عند نفسه، أو جادت بها عليه عبقريته الاستثنائية؛ فقد «شَلطَها» من الشاعر العراقي العظيم الجواهري. هذه شذرة بسيطة، ومطرة خفيفة من سيرة هذه الإنسان المزيف، آثرت فيها الإيجاز وعدم التطويل. فالوقت ثمين، ودقات قلب المرء قائلةٌ له..، والناس زهقانه، والبلاد تعبانه، والأمة مش لاقيه ما تاكل، والشباب عاطل، والحالة مزريه. وحسبك مِنْ القلادة أن تحيط بالعنق. ملاحظة للرجوع للمقال الذي كتبه عن القاضي أحمد بن عبد الرحمن الآنسي يرجع لرابط خيوط: ، ومقارنته بمقالي المنشور في اليمني الأمريكي، وهو منشور ضمن كتابي «الفنون جنون». إيطاليا تلغراف